هوس الشهرة الزائف- عدسات تعري لا تصنع نجومًا حقيقيين

المؤلف: خالد السليمان09.16.2025
هوس الشهرة الزائف- عدسات تعري لا تصنع نجومًا حقيقيين

برزت على استحياء في فضاءِ الشبكات الاجتماعية، وتحديدًا على منصات مثل تيك توك وسناب شات، ظاهرةٌ لافتةٌ للانتباه: إعادة نشر وتسويق مقاطع الفيديو لأشخاصٍ عاديين، أثناء وجودهم في المناسبات الاجتماعية والفعاليات الرياضية والثقافية، بطريقةٍ تبعثُ على الشك والريبة، وتُوحي بترتيبٍ مُسبقٍ مع المصورين المحترفين وأصحابِ الحسابات المتخصصة في تغطية هذه المناسبات، وذلك بهدف تحقيق الشهرة الزائفة والأضواء البراقة، تحت ستار "صورني وأنا غافل"!

أتوجهُ بكلامي هذا إلى أولئك الأفراد الذين لا يتمتعون بشهرةٍ حقيقيةٍ في الأصل، ولا يشغلون مناصب رفيعة أو يؤدون أدوارًا مؤثرة في القطاعين العام والخاص تستدعي اهتمام المجتمع وملاحقة أخبارهم، بل هم أشبه بمن يسعى جاهدًا لاقتناص النجومية بأي ثمن، حتى وإن كانت هذه النجومية مُزيفةً ولا تستند إلى أي أساسٍ أو مقوماتٍ واقعية!

إنَّ هذا الولع المفرط بالأضواء ليس وليدَ اللحظة، بل كان على الدوام مصدر رزق وفير لبعض المصورين والصحفيين الطامحين، الذين يستغلون تعطش بعض النخب المجتمعية المترفة لاكتساب هالةٍ من الشهرة والتعريف بأنفسهم، فيصنعون منهم نجوماً من ورق، وخلال حقبٍ زمنيةٍ مضت، نجح بعض الشعراء الثانويين غير المعروفين في اعتلاء سلم الشهرة، بفضل الترويج الإعلامي المكثف الذي لم يعتمد على موهبةٍ حقيقيةٍ، بل مجرد تسليط للأضواء ونشر المقابلات الصحفية وتضخيم الذات، وكان الهدف الأسمى هو خلق وهمٍ زائفٍ بالشهرة لدى الجمهور المتلقي، يتحول مع مرور الوقت إلى حقيقةٍ مُسلمٍ بها، بل إنَّ البعض تفوق في خلق حالةٍ رمزيةٍ لأشخاصٍ في مجالات وميادين مختلفة دون وجه حق أو استحقاق!

في يومنا هذا، ومع الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، أصبح الأمر أكثر سهولةً ويسرًا، ولا يتطلب سوى شخصٍ يُلاحق الآخر بعدسة هاتفه الذكي ليجعله بين ليلةٍ وضُحاها أحد مشاهير المجتمع، لكنَّ الأمر الذي لم يتغير ولم يتبدل هو مبدأ التربح والارتزاق في سوقٍ رائجةٍ بضاعته الشهرة، حتى وإن كانت هذه البضاعة مغشوشةً ومُضللة!

الشهرة الحقيقية هي تلك الشهرة الطبيعية التي تتشكل وتتكون حول الشخصيات العامة والخاصة في شتى المجالات، بفضل أفعالهم النبيلة وأقوالهم الصادقة ومواهبهم المتفردة ونجاحاتهم الباهرة، واكتساب الاهتمام الطبيعي من الجمهور والمجتمع بأسره، أما الشهرة المصطنعة فهي سريعة الزوال وباهتة، ولا تكسب صاحبها في الغالب سوى سخرية المجتمع واستهزاءه!

باختصار.. كما كانت الفلاشات بالأمس تحرق وتُعمي الأبصار، فإنَّ العدسات اليوم تعري وتكشف المستور، وليس الفتى من يتشدق قائلاً "هذه صورتي"، بل من يفتخر ويتباهى قائلاً "ها هي مواهبي وقدراتي"!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة